هدوء و صوت الرياح تُغني معانقه نقاء الشجر
على كرسّي ناحية المبنى القديم أجلس !،
صوتٌ شجي تُغرد بهِ الطير و الحمامُ الذي أحبه
يمشي على الأرض و يُغازل البشر ..
رجل يقطع الطريق ركضاً لا يلتفت و السيارات حوله مُسرعه
اوه هل أصابهُ الجنون أم ماذا ؟،
و طفله تمشي وحدها مُمسكه بقلم ورديّ اللون الفاقع
ترى ما الذي يدور بذهنها ؟،
بينما أنا كذلك
مرَّ بي صبي شقي ، وقف يتأملني ، "شيء أسود و كأنه انسان جالس" !!
رأيته و لسان حالي يقول : ماذا يُريد ؟،
رفعتُ يدي ملوّحه له لِ يعلم أني لاحظتُ سرحانه بي
فابتسم و اقترب و أخذ ينظر في عيناي و هو مُبتسم
ثم قال : لمَ ترتدين هذا ؟،
فقلت : تقصدُ ماذا ؟
قال : هذا الشيء الأسود
قلت : هذا لباسي
قال : اللباس لا يُغطي الأنف و الفم !!
سكتُ قليلاً ما الذي أقولهُ له و أنا لا أعرف ديانته بالأصل
على الأرجح ليسَ مُسلم فالمسلم و لو كان طفلاً لن يسألني هكذا سؤال !
فقلت : هل تعرف المساجد ؟
قال : أجل ، أبي يأخذني إليها
سكتُ أيضاً .. هو مسلم إذاً ، قد تكون أُمه لا ترتدي الحجاب !
رُبما !..
فقلت : اوه جميله المساجد أليس كذلك ؟،
قال : جداً أحب الإستماع للإمام و هو يقرأ
قلت : و أنا أيضاً أحبه
قال : هل تبكين عند سماعه ؟،
قلت : هل تبكي انت ؟،
قال : اجل عندما يبكي الإمام
مسحت على رأسه مُردده : يَ جمالك
بدأ يرمي الكره بيديه الصغيرتان تاره لليمين و تاره لليسار ثم نظر إليّ مره أخرى
و قال : لم تُخبريني لمَ ترتدين هذا ؟،
فقلت : لمَ انتَ تُصلي ؟،
قال : لأعبد الله
هُنا أعجبت جداً به ، رغم صغره إلا انه مُتفقه في أساسيات دينه
فقلت : أرتدي هذا لأعبد الله أيضاً
ابتسم و عيناه سارحه بعيداً بِ عيناي ، عاد يتأملني !
وددت قطع أفكاره حتى لا تكثر تساؤلاته فهو صغير و لا أود ملئ عقله باعتقاداتي
أمسكت هاتفي و عبثت فيهِ ، بقى قليلاً ثم ذهب ، رفعتُ عيناي لأراه يمشي و الكره تتقلب بين يديه
علني لم أروي عطش تفكيره
إلا انني لم أندم ..
يخبرونا دائماً انه لا وجود لِ قلوب بيضاء تحب الخير و الحق
لكني دائماً أرى ذلك بِ وجوه البشر
خطوطهم النقيه تجري بداخلهم .. لا أنكرها مهما اعتلى السواد ملامحهم
كالطير مُحلق بعيداً جميعهم يودون ذلك لِ طُهرهم !
و كصوت الحمامه الرماديّه المغرده بجمالها يُنقون سمعِهم !
تُرفرف أفئدتهم مُطمئنّه كعلوّ أطراف غُصن الشجر
و فجأه
تك تك تك تك تك تك تك تك تك !،
ايقظ سرحاني صوت ساعة يدي رُغم ضعف صوتها
فعادت عيناي تتجول المكان من حولي
لا أدري أين اختفى ذاكَ الطفل
لكن الأناس كثروا للحظه من حولي بتنوع أشكالهم
أيقنت حينها اننا جميعُنا نسكن السواد إن أردنا
و البياض يُناجينا
فَ نُقبل عليه لحظات فقط
يسعد بنا ، ثُم يحزن لنا !!
انتهى ()
المصدر
صحف