سبق- أبها: كشفت "شقيقة" الطالبة ضحية حادث التخرُّج بأبها، كواليس الحادث، وأكّدت لـ "سبق"، أن الإسعاف لم يتأخّر في مباشرة الحادث، ولكن بعض النساء منعهن من الدخول فاضطرت للف شقيقتها في عباءة تخرُّجها وحملها للشارع, ونفت ما تردّد من استخدام الخريجات الألعاب النارية، قائلة: ما استخدمنه كان شمعات كهربائية على طرفَي المنصّة، ولا نعلم أين الخطأ؟ هل هي الآلة التي يتم تركيب الشمعات فيها انفجرت لسببٍ نجهله، حيث استخرج المستشفى من بطن شقيقتي "حديدة" طويلة حادة وصلت إلى الحبل الشوكي.
وأضافت: طوال ما كنت أحمل شقيقتي وأنا خارجة بها من القاعة كنت أسمع صوت تشهدها، ولا أجد لهؤلاء النساء اللائي منعن الإسعاف عذراً، فقد كان الوقت كافياً للملمة شتات أنفسهن حتى وصول الإسعاف، ولبس حجابهن، وهل رجال الدفاع المدني والإسعاف ينتظرون الإذن من النساء؟
عباءة الموت
وتفصيلاً فلا تزال مشاهد الحادثة خلال حفل خريجات كلية التقنية للبنات بأبها وبعض من خريجات كليات عسير، تتردّد أمام أعين الحاضرات اللاتي فُجعن بانفجاراتٍ مدوية في أثناء مسيرة الخريجات، التي لفّت إحداهن بعباءة تخرّجها التي حاكتها بيدها، ولم تكن تعلم أن هذه العباءة ستكون آخر زي تلبسه في حياتها.
وسردت شقيقة إبتسام علي قاسم الفيفي، "الطالبة بكلية التقنية في خميس مشيط" المستوى الأخير، التي لقيت حتفها يوم الخميس الماضي، في أثناء احتفالية لنجاح طالبات كلية التقنية بخميس مشيط، تفاصيل الحادثة لـ "سبق"، مؤكدة أن ما تردّد من استخدام الخريجات الألعاب النارية غير صحيح، منتقدة كثرة الشائعات حول هذه القضية.
وقالت شقيقتها "حنان"، لـ "سبق": تم ترتيب حفل التخرُّج في قاعةٍ على طريق الرياض - تندحة من قِبل الطالبات، وكان من ضمن التنسيق تشغيل شمعات كهربائية على طرفَي المنصّة، وهي شائعة الاستخدام جداً في حفلات النجاح والتخرُّج والزواج، وليس كما ذكر في الصحف المحلية أنها ألعاب نارية.
قصة الشمعتين
وتابعت شقيقة الخريجة المتوفاة: تعجبتُ ممّا قرأته في الصحف، واستنكرت ردود بعض القرّاء وتعجبهم من ذلك، فالطالبات المنظمات لا يعتبرن صغيرات في السن، ولا ينقصهن الوعي، لكي يتم إطلاق ألعاب نارية في أثناء مسيرتهن، فقد تمّ الإعداد للحفل كما علمتُ من شقيقتي منذ شهرين، وكان ترتيبهن وضيافتهنّ رائعة ومنظّمة، ولا يوجد مَن خططت منهنّ لتشغيل ألعاب نارية في قاعة مغلقة بحضور قريباتهن من جداتٍ كبيرات في السن، وأمهات، وأخوات، ويا ليتنا لا نستعجل في الحكم على الآخرين.
وتصف شقيقة إبتسام الحادثة بقولها: حضرت حفل التخرج نتيجة إلحاح أختي على حضوره، ووصلت صباح اليوم السابق من مدينة الرياض، وعند بدء مسيرة التخرُّج تمّ تشغيل الشمعتين، فاشتغلت واحدة، والأخرى لم تشتغل، فأخذوها البنات وجعلوها في نهاية المسرح، ثم بدأ صعود الطالبات واحدة تلو الأخرى وكانت أختي على الطرف، وبعد أن اكتمل صعود الطالبات للمنصّة، دوّى فجأة صوت انفجارٍ عالٍ جداً، كنت في أثناء ذلك على المسرح ومن شدة الانفجار لم أشعر بنفسي إلا قرب الطاولات، وبعد دقائق من الصوت والصدمة، حضرن لديّ صديقات "إبتسام" واللائي كن قريبات منها على المسرح، وأخبروني أنها تضررت نتيجة الانفجار، فأسرعتُ لها وفُوجئت بمنظر شقيقتي مضرجة بدمائها، ورؤية أحشائها، بينما زميلتها التي بجوارها كانت إصابتها في الفخذ، بعدها صارت فوضى عارمة من الصياح والتدافع من قِبل الحاضرات، على الرغم من عدم وجود حريق.
مشهد لا يُنسى
وتضيف قائلة: كان منظراً فظيعاً لا أنساه طوال حياتي، اقتربت من أختي ورأيتها تمسك بطنها بيدها، ضممتها وحاولت التحدث إليّ، لكنها لم تتمكن، ثم حضرت إحدى الحاضرات، وقامت بقياس نبض أختي، وقالت: "بإذن الله إنها بخير، مما بعث الاطمئنان في نفسي".
وتابعت شقيقة الخريجة المتوفاة: تمّ الاتصال على الإسعاف، وفي الحقيقة لم يتأخر، وعلمت بوصولهم وانتظرت دخولهم لحمل أختي لكن دون فائدة، وذهبت لباب القاعة أستطلع الأمر وإذ بعددٍ من النساء رفضن دخول الرجال للقاعة بتاتاً، ولما رأيت الوضع هكذا من عدم التعاون لا من قِبل النساء، ولا دخول الإسعاف رجعت لشقيقتي على المسرح، وقمتُ بلفّها في عباءة التخرج التي قامت بخياطتها بيدها، وقمتُ بحملها مع اثنتين من زميلاتها، وخرجت بها للشارع ووضعتها على الأسفلت لكي يحملها رجال الإسعاف الواقفون بالخارج، وطوال ما كنت أحملها كنت أسمع صوت تشهدها، ثم تمّ نقلها للمستشفى مع والدتي في الإسعاف ودخلت غرفة العمليات الساعة 12، وخرجت منها الساعة 3 صباحاً لكن متوفاة دماغياً، وعلى الساعة السابعة صباحا سلّمت الروح إلى بارئها.
ليس لديهن عذرٌ
وتقول: والله لا أجد لهؤلاء النساء عذراً، لأن لو نقول الصدمة أفقدتهن حُسن التصرُّف، لكان الوقت كافياً للملمة شتات أنفسهن حتى وصول الإسعاف، ولبس حجابهن إذا كان هو السبب في رفضهن دخول الرجال، فهل لو كانت قريبتها المصابة ستتصرّف بهذا الشكل؟ أليس في قلوبهن رحمة لوجود والدتها الكبيرة في السن وهي تشاهد المنظر، وتتابعه بصدمة؟ وهل رجال الدفاع المدني والإسعاف ينتظرون الإذن من النساء في الدخول خلال الحوادث الطارئة؟ حيث لم يتم دخولهم للقاعة إلا بعد أن أخرجتُ لهم أختي بعد فترة، ونقلها، وبعد وصول أولياء بعض الأهالي الذين قاموا بدفع الباب، والدخول بالقوة للاطمئنان على قريباتهن.
وعند سؤالها عن سبب الانفجار، أجابت قائلة: بالنسبة للانفجار فلا نعلم أين الخطأ؟ هل هي الآلة التي يتم تركيب الشمعات فيها انفجرت لسببٍ نجهله، أو شيء آخر، حيث استخرج المستشفى من بطن شقيقتي "حديدة" طويلة حادة وصلت للحبل الشوكي ما تسبّب في البداية بوفاتها دماغياً، كما أُصيب عددٌ من زميلاتها بجروحٍ من زجاج، والبحث عن السبب هو دور المسؤولين من الجهات المختصّة.
وفي ختام حديثها قالت شقيقة الخريجة المتوفاة: نؤمن بقضاء الله وقدره، وأنه مهما تعدّدت الأسباب فالموت واحد، ونسأل الله لها الرحمة والمغفرة، وأن يكمل فرحتها في جنات النعيم، لكن يؤسفني عدم الوعي لدينا في التصرُّف خلال الأوقات الحرجة، فالمُفترض ألا أحرّك أختي وهو ما أعرفه كأهم قاعدة في الإسعافات الأولية، لكن كان الموقف هو ما دفعني إلى حملها والخروج بها نتيجة رفض النساء دخول المسعفين، أيضا مما يؤسفني ولا أجد له تعليقاً تجمهر عددٍ من الشباب خارج القاعة وضحكهم وتعليقاتهم عندما كنا نطالبهم بالدخول للقاعة وإسعاف المصابات.
حفل خاص بالأهالي
من جهتها، أوضحت عميدة كلية التقنية الدكتورة هند الأسمري، لـ "سبق"، أن حفل التخرُّج هو حفل خاص من الأهالي للمتخرجات في عدد من الكليات، وأبانت أن الطالبة من خريجات العام الماضي ومن المشهود لها بالتميُّز من طالبات الكلية، مبينةً أن وفاة "إبتسام" خيمت مشاعر الحزن على الكلية وعلى الطالبات اللاتي قضين معها سنوات الدراسة، وقالت: "إننا نعزي أسرتها ونسال الله لها الرحمة والمغفرة".
كما رصدت "سبق" مشاعر عديدٍ من الحاضرات اللاتي أشعلن "تويتر" بالحديث عن مواقفهن، حيث أكّدت مرام محمد أنها لقنت المتوفاة الشهادة، بينما تقاسمت مشاعل العوني مع صديقتها تبولة الشهري، وعدد كبير من الخريجات عبارات المواساة لأهل الفقيدة
المصدر عادت الروح فيني