عثمان
عدد المساهمات : 25 تاريخ التسجيل : 23/07/2014
| موضوع: رسالة بسيطة إلى أمي الأربعاء يوليو 23, 2014 2:20 am | |
| إهداء >> لكل الأمهات إعتذار >> لكل من توفيت أمه ....
أكتب إليك يا أماه وأنا أعلم أنك لن تقرئي ما أخطه الآن أو هكذا أظن، فقد لا أجرؤ على أن أقرئكيه، ربما حياء أو ربما لأنه لا يستحق أو ربما لأني أخشى أن يكون فيه شيء من المنة عليك أو ربما أو ربما ,, كنت أحب يا أمي أن أرقبك دائما بصمت وخفية دون جهر بالقول حين تجلسين هناك على الكرسي بالمطبخ، فتختال يداك الصغيرتان لتعجن في مهارة نادرة وإتقان رغيفا أو فطيرا نسكت به جوعنا صباحا أو مساء أو بأي وقت. وأرقب يديك الحاذقتين ووجهك الهادئ الراضي وأنت تطبخين صحون الكسكس أو لذيذ الطعام وأطيبه فتضعين فيه من قلبك وحنانك وروحك ونفسك لكي نتلذذ به ونسعد,, كان يعجبني كثيرا أن أمارس هذه الهواية وأنت تشتغلين أو تخيطين أو تنظفين أو تزاولين أنشطتك اليومية دون أن تلحظي ذلك. فكنت أبتسم وأنت لا تدرين ، وحتى إن لمحتني فابتسمتِ وسألتِ ما يضحكني أقول لك لا شيء. فتعودين إلى ما كنت عليه وعلى وجهك ابتسامة تغار الشمس من بهائها وإشراقتها. حقا أنتِ أجمل الأمهات التي أحن إلى خبزها وشايها وكلما تجود به يداها. ... وكنت أحدث نفسي بأن يوما سيأتي ولن استطيع أن أمتع ناظري وأشبعه منك وأني سأفتقدك كثيرا. لست أدري من منا سيسبق الآخر لكن هكذا أرى ربما لأخضع لمنطق غير منطقي. فتدمع عيناي وتبتسم شفتاي لأني أعرف انه لقاء مؤجل .. لكن ما حيلة القلب يا أمي؟ كنت دائما أستغرب من الذين يفقدون أمهاتهم كيف لهم أن يضحكوا ويأكلوا ويستمتعوا بعد هذا الفقد، وكنت اتغيظ منهم وأعرف في قرارة نفسي أني سأصير مثلهم لكني أكابر : إني أبدا لن أكون وسأحزن عليك الدهر كله..من يدري؟؟؟ أتذكر يوم كنت يافعا ذات مرض أقعدني عن الحركة كيف حملتني على ظهرك مسافات حتى أوصلتني للعيادة حيث الجراحة .. فرأيتني وأنا لعامين حين أتممت الرضاع بعد الفصال وأكثر على ظهرك وفي حضنك أرضع الحياة من ثدييك وتسهرين على راحتي وحياتي . تمنيت لو كنت أحمل عقلا واعيا حتى أدرك تلك اللحظات. ويسافر بي الخيال. فتمنيت لو رجعت إلى بطنك وأنا جنين أمتلك هذا الوعي حتى ألامس وأدرك ما كنت تجدينه ساعتها.. وأنت على وهنك تحملينني كرها وتضعينني كرها وأنا الغافل عن تلك الحقيقة وأنا المغيب عن تلك اللحظة.. كنتِ وهبتني الحياة بعد قدر الله ولا تزالين تستمرين في رعاية هذه الحياة لتكبر في الطفولة، فكنت مدرستي الأولى ، ونعمة المدرسة.
لن أعرف أبدا ماذا حدث ولن أدرك أبدا ما كنت تحسين به ولن أقارب حتما ما كان يجري ساعتها
وأسأل نفسي هل تراني وفيت ؟؟؟ أرى كل شيء اقدمه لك أو أفعله لأجلك، رغم أنك تعتبرينه شيئا كبيرا وتظلين تغمرينني بدعواتك من أجل هذا الشيء البسيط الذي أستحيي أن أقول عنه معروفا، لا يساوي شيئا ولا يصل حتى إلى الماء الذي يتقاطر من رجليك حين تتوضئين. فهل تراني وفيت ؟
صحيح أنني أتذمر احيانا وأنا مشغول بخاصة نفسي أو فيما أعتقده أمرا مهما حينما تطلبين مني خدمة فأقوم بها و انا متذمر ثم أرجع إلى نفسي حال صفاء مع ذاتي فأتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعني ثم أتجه نحوك وأعانقك وأقبل رأسك وأربت على كتفيك فتقابلينني بالابتسام والدعوات، أي قلب أرحم من قلب الأم يا أمي ؟؟ هل تراني وفيت ؟
أسائل نفسي كثيرا أي شيء أستطيع فعله من أجلك حتى أقنع نفسي أنني وفيتك حقك أو جزء منه أو بعض جزء. يالخجلي يا أمي منك ويا لعبث وغباء ما أقوم به. إني أبدا لن أستطيع ..
لكن الذي أنا متأكد منه أنك لا بحثين ولا تنتظرين مني ذلك فقد كان كل ما يهمك ولا يزال هو سعادتي قبل سعادتك وفوق كل شيء. كما أني متأكد أنك لو خُيِّرتِ بين حياتك وحياتي لدفعتِها فداء لي.. ... أمي أمي أمي إني أستحيي أن أقول إني أحبك. ولو أمر الله أن يسجد بشر لبشر لسجدت لك . ( المعذرة منك يا أبتي أرجو أن لا تغضب ولا تغار فتلك كانت الوصية المقدسة).
أمي لاتزال هناك أشياء أخرى كثيرة لم أقلها.
فإلى اللقاء في رسالة قادمة. ...
>> ابنك فلذة الكبد الذي لا يستحقك.
المصدر ilamas | |
|